* خواطر حاج *

عندما يقف العاجز - مثلي - في ان يصيح من الخواطر والكلمات في تلك الفريضة العظيمة التي تحمل في كفها كثيرا من الاسرار

والحكم ، جلية كانت او خفية ! يقف عاجزا ! لا يعلم كيف يبدأ وكيف ينتهي ؟

كيف يبدأ عندما يرى تلك الجموع الغفيرة ! وكأنها جيوش الفتح العظيم الكل ينادي بأعلى و أندى صوت عنده يقول : لبيك اللهم لبيك ،

لبيك لا شريك لك لبيك ! إن الحمد و النعمة لك والملك لا شريك لك !

انها رايات النصر القريب ، في حينها اتذكر كلمة للشيخ محمد عبده قائد الحركة الاصلاحية و التربوية في عصره قال : ( الاسلام

محجوب باهله ) ، أما في هذه العبادة فليس الاسلام محجوب بل هو ظاهر عزيز باهله ومحبيه !

وكأن المولى عزوجل يقول لنا : انه لا نصر الا بهذه الرايات ، رايات التوحيد الخالص لا شائبة فيه ولا عاكر يعكر صفوه . وهذا

النصر لا يكتمل الا عندما تجتمع قلوب المسلمين قبل اجسادهم ، فالنجتمع على تلك الراية بقلوبنا واجسادنا .

وعندما نتأمل في هذا البيت وفي مكان هذا البيت يتسائل الانسان لماذا المولى عزوجل اختار هذا المكان الجاف القاحل ؟ الذي قال عنه

تعالى بلسان نبيه ابراهيم - عليه السلام - " بواد غير ذي زرع " . فلماذا لم يختار المكان الجميل ذي الجداول و الجنان الغناء ؟ لماذا

نرتدي عند احرامنا قطعتين متواضعتين تكاد تضيق علينا ؟

والحقيقة إن في ذلك سر جميل وحكمة خفية ينبغي للحاج وغير الحاج ان ينتبه اليها ، وهي ان يبين لنا الله سبحانه وتعالى حال تلك

الدنيا وجمالها الكاذب ، وصدق ابن القيم حين قال واصفا لها و للذاتها ( ان لذائذ الدنيا نماذج تعرض ولا تقبض ) ، فالسعادة لا تكون

بالمادة وبلذائذ الدنيا وانما بتلك الراحة القلبية الروحية التي تفضي بها علينا هذه المشاعر و المناسك .

لا شك ان هذه الاشارات جديرة بالاهتمام و تنبه العقل والقلب لها و الاخذ بها على سبيل التطبيق و العمل لا سبيل العلم فقط .

والحديث في هذا طويل و لاينتهي !