الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009






الجزء الرابع والأخير


تضاريس بين الحاء والباء


================



أتعلمون من أنا .. انا ..

انا الخيال .. نعم انا الخيال ..

قد سمعت من المحاسن من قبل .. وتذوقت من الجمال من قبل .. ولا مست من التضاريس من قبل ..

ولكنني نسيت الان كل شي .. فبعد هذه ينسى المرء كلمة جمال .. لانها ماتت عند قدميها ..

وهل تقارن الثرى والثريا !!


وهل تقارن من ملكت الصبا والجمال والحسن مع من شبه بالحسن والجمال والصبا !!

لا والله !

نعم انا الخيال .. محراب العاشقين ومأوى المحبين .. فمازال العشاق يجدون في محرابي انسهم وصبوتهم وامانيهم

وامالهم .. فقط عندي .. عند الخيال !!

فكم من عاشق تهجد بذكر حبيبه عندي .. وكم من عاشق صبر على فراق خليله عندي .. وكم من محب نواه محبوبه

وشكا نأيه عندي .. وكم من محب محروم الوصل وصل محبوبه عندي .. وكم وكم وكم !!

اما اليوم .. فقد وقعت انا بالعشق !! بل بالموت !!

شيعونيييي .. شيعونييي .. شيعونييي !!

قد تسائلت عندها : هل انا اكثر الناس سعادة اليوم !! .. فاسرعت بالاجابة بنعم ! ولكني وجدت نفسي احمق بالاجابة !!

وهل الناس سعداء دون ادراك النظر لهذه التضاريس !! بل هم والله في نكد مالم يرو هذا !! فانا الوحيد الذي يطلق

عليه حقيقة لفظ السعادة .. اما غيري ففقط مجازا !!

و لقد هزيت جذع اللغة لكي تسقط علي احرفا تصف تلك التضاريس .. فاعتذرت باني لم اجد !!

و لقد ذهبت انفض الكتب لعلي اجد تشبيها يفي بك .. فاعتذرت ولم ازد !!

ولقد سألت التاريخ هل رأى مثلك شبيها .. فاجاب لم ارى احد !!

ولقد تأملت الطبيعة لعلي ألتمس منك وصفا .. فأجابت ولو تأملت طول الأمد !!

انتي كالصحراء .. فيك نعومة الرمال و التجانس العجيب والافق البعيد الجميل ..

وانتي كالصحراء .. فيك شدة الحرارة و الرياح العاتية والعطش القاتل و الحيرة الأبدية ..


و تسائلت : هل من مزيد !!

فأجبت على نفسي : نعم لديك مزيد .. فما خفي كان اعظم .. فطمعنا بالمزيد .. ومازال لديك مزيد ومزيد ومزيد !!

الطمع منا بالمزيد ... والجود منك الذي مازال يفيض ويزيد ..

فبت اناقض نفسي ، هل انا معها المحروم الذي لا امل له .. ام الموصول الذي بلغ حاجته !!

وكأن الانهار تتدفق من تضاريس جسدها .. فمناهلها كثيرة و ومراويها عديدة !!

لم تهوى المحاسن قط .. ولم توصف بالجمال قط .. ولم تشبه بالصبا قط ..

بل هوتها المحاسن .. ووصف الجمال بها .. وشبه الصبا بها ..

شيعونيييييي .. شيعونييييييي .. شيعونييييييي

فسقط الخيال على ركبتيه .. وسقطت قبله دموعه ..

الخيال سقط امامها ولم يحتمل ..

الخيال بكى امامها ولم يحتمل ..

الخيال ذل امامها ولم يحتمل ..

ثم سقط ميتا ..

لقد مات الخيال .. وهوا محراب العشاق على الارض ..

وقبيل سقوطه وضع قبلة في الهواء .. اطفأ بها جذوة حدته .. وجام غضبه ..

لذة ضئيلة ، الوصل بالنظر ، هي ما ناله منها ..

فلوعة المحب تدمي .. وحرقة المغرم تميت ..

هي الجنون المقدس .. وهو شهيد هذا الجنون ..

فعزفت الطبيعة لحن الحاء والباء الحزين ..

وغنت على مزامير داوود اغنية الموت .. لم تغني لهما .. بل فيهما ..

فأسكرت عقول الجميع بالشوق .. وقيدت أوتار القلوب بالطوق ..

وعند تكفينه وجد على رقبته حبة سوداء .. الكل استغرب منها فلم يروها وهو في المسرح وظهرت بعد موته !!

والذي لا يعلمه الجميع ان تلك الحبة السوداء كانت على رقبته اي على " العنق " .. وكانت تقف تنتظر الإذن منها لكي

تقف على حرف النون من الكلمة .. وتأخذ حريتها .. وتصبح بدل العنق " العتق " !!!

ووجد في جيبه خرقة صغيرة كتب عليها :

" بالتأكيد انني مت بعد هذا .. الا ان ما اردت قوله هو انني كنت معها

كالكبرياء للانثى .. وكالعقل للجمال .. وكالبياض للعين ..

فانظر هل للاول استغناء عن الثاني " .



اما ماحصل لها .. فساتركه لكم .. فلي البداية ولكم النهاية ..

وكما فعل " مصطفى صادق الرافعي - في القلب المسكين – في وحي القلم " بان ترك النهاية للقراء ..

فقدوة به ساترك النهاية لكم ..



===============================================




يقول بوشداد وبوشداد صادج :)


اذا ريح الصبا هبت اصيلا شفت بهبوبها قلبا عليلا
وجاءتني تخبر ان قومي بمن اهواه قد جدوا الرحيلا
وماحنوا على من خلفوه بوادي الرمل منطرحا جديلا
يحن صبابة ويهيم وجدا اليهم كلما ساقوا الحمولا
الا ياعبل ان خانوا عهودي وكان ابوك لايرعى الجميلا
حملت الضيم والهجران جهدي على رغمي وخالفت العذولا
عركت نوائب الايام حتى رأيت كثيرها عندي قليلا
وعاداني غراب البين حتى كأني قد قتلت له قتيلا
وقد غنى على الأغصان طير بصوت حنينه يشفي الغليلا
بكى فأعرته أجفان عيني وناح فزاد إعوالي عويلا
فقلت له : جرحت صميم قلبي وأبدى نوحك الداء الدخيلا
وما أبقيت في جفني دموعا ولا جسم اعيش به نحيلا
ولا أبقى لي الهجران صبرا لكي ألقى المنازل والطلولا
ألفت السقم حتى صار جسمي اذا فقد الضنى أمسى عليلا
ولو أني كشفت الدرع عني رأيت وراءه رسما محيلا
وفي الرسم المحيل حسام نفس يفلل حده السيف الصقيلا


وتحياتي

ويسلموااااااااااااااااااااااااااااااااا :)

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

تضاريس بين الحاء والباء








الجزء الثالث

" تضاريس بين الحاء والباء "

-----------------------



عندها أتى .. اتى راس الحكمة وصاحب التفكير وملاذ التدبير ..

اتى العقل .. يملؤه الفخر والنشوة والعزة .. فهو اليوم العزيز المقدم ..

لم يكترث بماسيقولون : عقل يردد وراء مغنية !!

وهل بقى من الزمان من اعجوبة غيرها لكي تحقق !!

نعم بقى !! فلم يأتي العقل وحده !! بل معه الجنون !!

هاهما العقل والجنون يجتمعون على الحاء والباء !! فقط عندها يكون المستحيل .. مقدر !!

ألا من حكيم هنا فيتدبر .. ألا من عاقل فيتعظ .. اين علماء المنطق وجهابذة الحكمة وفطاحلة الفلسفة !! ..

ألم يكن في الأثر ان الضدين لايجتمعان !! فمالي ارى العقل والجنون اليوم عندها قد اجتمعا !!

اليوم فقط يبطل كل مأثور .. هاهما يجتمعان في الزمان والمكان .. والسبب !!

فما لايتم الواجب الا به .. فهو واجب .. وهو عندها من باب اولى !!

ومازالت الفرقة تهمس بألحانها وتلاطف بنغماتها .. ومازال الجمهور سكران بها .. حيران فيها !!

ثم عم السكون ارجاء المسرح .. سكون قاتل .. فلا تسمع الا همسا !!

سكون ... سكون ... سكون !!

فقد تأهبت للدخول .. فسمع لها ضربات من كعب قدميها على الارض .. عندها الكل نطق !!

نطق مالم ينطق !!

الطبيعة متلهفه للقاءها مشتاقة لان ترتمي في احضانها ..

همست الارض .. " هي اتية ... هي اتية .. هي اتية " .. فتسارعت الغيوم تعلن الصفاء .. والشمس

من وراءها تعلن لها الحياء ..

" هي اتية ... هي اتية ... هي اتية ... "

عم السكون ..

طق ... طق ... طق ...

كعبها يحتضن الارض .. بل يحتضن القلوب التي في الصدور ..

اقتربت الضربات .. لم يبقى الا القليل وتخرج ..

قل القليل .. ومازال يقل .. حتى اشرقت !!

اشرقت .. ترتدي ثوبا اسودا كالليل الأليل .. داكن اللون .. تعلوه طبقة متناثرة من حبيبات الألماس

.. فهي الليل المرصع بالنجوم !!

ثوبا اسود داكن .. يكشف بعضا من انحناء صفاء كتفيها .. ويكشف بعضا من انسياب عنقها .. وقليل مما هو اسفل منه !!

ويكشف بعضا من انحدار ظهرها .. ولكنها حجبته بجزء يسير من دجى شعرها !!

فما ستر فهو اسود كالليل .. وما كشف فهوابيض كالقمر !!

تلك هي ليلة التضاريس .. تضاريس طبيعية !!

ليلة تتباها بقمرها ونجومها ... وصباح مشرق بغيومه وشمسه !!

ها هما الضدان يجتمعان ايضا ... الحاء والباء فقط !!

فدورة الحياة تدور عندها .. تدور بتضاريسها ..

ليل ونهار .. شمس وقمر .. نجوم وغيوم .. نور وظلمة ..

ليس لك من اصابتها الا النظر ..

ليس لك سوى إطلاق الطرف .. وسيأتيك بالخبر ..

والخبر هو : الطلب من غير ادراك .. الطمع من غير اكتفاء .. الحاجة من غير وصل ..

وكأنها تقول لك : " أرءيت هذا .. إنه لا يحسن إلا بيدك !! "

ولكنها ايضا تقول لك : " لا أمل لك يامحروم .. !! "

فانت عندها .. المرهق بالنظر فيها .. ولكنك لا تستريح الا بها .. حاشاها ان يكون منها !!

تقدمت لتتوسط المسرح .. للغناء .. تخطو على مهل ..

الكل سكن .. سوى نسمات تأتي على استحياء فتحرك بعضا من خصلات شعرها !!

ونسمات اخرى تحتضن عنقها .. وتداعب وجنتيها .. وتلامس تضاريسها !!

الكل تمنى لو كان احدى تلك النسمات .. فقط نسمة تحتضن ما شاءت من تضاريسها !!

انتصفت المسرح .. عاودت الفرقة للهمس بالأنغام .. والملاطفة بالألحان !!

همت هي بالغناء .. الا ان احدهم دخل من الخلف .. تقدم الجميع .. الكل على استغراب : من هذا !!

تقدم المسرح .. خلفه الجمهور .. وامامه هي .. بطبيعتها وتضاريسها !!

فقال : شيعونييي ... شيعوني ... شيعوني !!

كيف الحياة بعد هذا !! .. لا أمل لي بالحياة !!

خصلات كالدجى من الشعر .. كثيف .. كالأليل الأليل .. يستر بعضا ويكشف اخر ..

هناك تروى الحكايات ..

وجه كالقمر .. جمع من المحاسن محاسنه .. عين فارسية .. انف عربي .. فم اندلسي .. وجنة روميه ..

هناك موضع القبلات ..

عنق مائل كالخيزران .. يميل فتميل معه الطبيعة .. يعتدل فتعدل معه .. ناعم كالورد ..

هناك تسكب العبرات ..

قوام .. فيه من الدقة مافيه .. فهي هيفاء .. ومن اللين مافيه .. فهي غيداء .. ومن الحرارة مافيه ..

فهي رمضاء .. ومن النعومة مافيه .. فهي ملداء .. ومن الحسن مافيه .. فهي حسناء ..

هناك مرمى النظرات ..

شيعونيييي .. شيعونييي .. شيعونييي ..

محاسن لا تنقضي .. كل يوم هي في خلق ..

فياليت الروح تسكب لأسكبها تحت قدميك ..

ذلك هو الجمال .. وإلا فلا ..

ذلك جمال المرأة التي به تبرد انياب الأسد ومخالبه ..

فبه ترفع وتخفض .. تفرح وتحزن .. تقرب وتبعد .. تظمأ و تروي .. تسأل وتجيب ..

فقط عندها يلغى صفة الزمان والمكان ..

فالنظر إليها ينسي مايكون وما كان ..

فلا تعلم .. أهي ثواني قضيتها وانت تطلق النظر .. ام هي سنوات !!!

أهو فقط عضو واحد .. فقط الوجه .. ام هي أعضاء !!

أهي فقط امرأة واحدة أمامك .. أم هم نساء !!

حينها سكت .. وعاود السكون ارجاء المسرح ..

فبكى .. واغرورقت عيناه .. ثم قال :

أتعلمون من انا .. أنا ...


" تضاريس بين الحاء والباء .. الجزء الرابع "


===============================================



يقول بوشداد وبوشداد صادج ..

وقفت به و دمعي من جفوني ... يفيض على مغانيه الخوالي
أسائـل عن فـــتاة بــني قـراد ... وعن أتـرابهـا ذات جــمال
وكـيف يجيبـنـي رسـم محـيل ... بعيد لا يرد على سؤالي
إذا صاح الغراب به شجاني ... وأجرى أدمعي مثل اللآلي
وأخبرني بأصـناف الـرزايـا ... وبالهجران من بعد الوصال
غـراب البيـن مـالك كـل يوم ...تعاندني وقد اشغلت بالي
كـأنـي قـد ذبحـت بحد سيفي ... فراخك أو قنصتك بالحبال
بحق أبيك داوي جرح قلبي ... وروح نار سري بالمقال
وخبر عن عبيلة أين حلت ... وما فعلت بها أيدي الليالي
فقلبـي هـائم في كل أرض ... يقبل إثر أخفاف الجمــال
وجسمي في جبال الرمل ملقى .. خيال يرتجي طيف الخيال
وفي الوادي على الأغصان طير .. ينوح ونوحه في الجو عال
فقلت له وقد أبدى نحيبا ... دع الشكوى فحالك غير حالي
أنا دمعي يفيض وأنت باك ... بلا دمع فذاك بكاء سال
لحى الله الفراق ولا رعاه ... فكم قد شك قلبي بالنبال
أقاتـل كـل جـبـار عنيــد ... ويقتلني الفراق بلا قتال




وتحياتي ..
ويسلمواااااااااااااااااااااااااااااا :)