الثلاثاء، 18 مايو 2010

* الحرية - حطب الثورة *








الحرية - حطب الثورة
---------------------------


قد بينت في مقال لي سابق ان مآل هذا الشعب ماهو الا للثورة ، وقد أوضحت انها ليست بالضرورة ان تكون على شاكلة الثورات العالميه ، بل تلك مع الاتفاق او الاختلاف لوجودها كحل سريع لتغيير السلطه تحتاج الى درجه عاليه من الوعي والادراك والشعور بالقمع الذي يمارس وهذا ماهو بعيد الى هذه اللحظه من عقول الشعب ، ومع ذلك ستكون الثورة على شاكلة تغيير نوعي في ممارسات معينه تستلزم وتجر أخوات لها من التغييرات لبعض الممارسات ، وهذا ما أراه اقرب لحال هذا الشعب ، وبينت كذلك في مقال اخر ان الغضب المتولد مع الايام في نفوس هذا الشعب سيولد يوما ما الانفجار ، وان مانراه بين فترة واخرى من صور غضب الشعب تنبؤنا ببعض ملامح الانفجار القادم .

اليوم مع تناثر حبر هذا القلم اكمل هذه السلسله التي ادونها بين فترة واخرى راصدا فيها نبوئتي بالثورة القادمه ، وعن بعض الملامح لمخاض تلك الثورة .. يقول عبدالرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد : " بفقدان الحرية تفقد الامال وتبطل الاعمال وتفوت النفوس وتتعطل الشرائع " ... على مر الازمان يكون القاسم المشترك لاستبداد السلطه هو القمع للافواه ، خصوصا لتلك المطالبه والمقاتله من اجل سماع رايها وكلمتها للشعب ، فالانسان بطبعه حر في اعتقاده واقواله وافعاله ولايلزمه من ذلك سوى قيود الاخرين والقيود التي يضعها هو بنفسه مما يعتقد به ، اما قيود السلطان التي تغل بها العقول قبل الافواه فهذا ما لايطيقه الانسان العاقل قبل الحر المفكر !


بعين المتأمل اقول ان الممارسات لاستخدام سوط الجلد وسكين الزجر و مال تكميه الألسن ، لهي مقدمات مترابطه تشكل فيما بينها فتيل الانفجار القادم لا محاله مالم يسكب الماء على العين القابله للاشتعال ! .. ومن اخطاء التاريخ التي يعلمها كل عاقل مفكر متدبر ، انه لم يكن باي وقت مضى ، اسلوب المنع هو اسلوب ناجح ترك اثرا ايجابيا ، يشير بتغيير المشكله وحلها بالصورة السلميه ، بل على العكس تماما تشير جميع نتائج هذا الاسلوب البشع الى مايشبه المخدر الذي يوضع للمريض ، فسرعان مايصحوا من اغمائه واذ به يجد ان الجرح قد كثر والالم قد زاد ، وهذا مايبعث اشارة نفسيه عصبيه ان الطبيب قد اخطأ بموضع المخدر ، بل قد يكون اخطأ بالمخدر نفسه ، وهو الامر الذي يجعل حالة الثوران تبلغ اشدها في النفس فلا معقب ولا منأى من معاقبه الطبيب ، وها انا اجد هذا الشعب قد بدأ يصحو بعد تخديره وينظر نظرة الغضب ضد طبيبه الفاشل !


نفس الحريه هو أولى وأوجب من نفس الهواء ، فالعبد يتنفس ، ولكنه لا يعيش ، و الحيوان يتنفس ولكنه لا يدرك ، والنبات يتنفس ولكنه ولايعقل ، و لكن نفس الحريه لا سيما حريه القول هي صميم الحياة ، وركنها المتين الذي وضعه الله تعالي في خلقه ، فما مجيء الاسلام الا ليعطي الانسان قيمته بالحياه ويهب له مائده الحريه يستطعم بها كيف يشاء ، وما يد تمتد لتحتكر تلك المائدة سوى يد الظلم والجور وما مآلها الا القطع على مرأى من مثيلاتها !



مانشهده الان من تعسف في استخدام لغة الانسان ضد الكاتب محمد عبدالقادر الجاسم الا صورة تكمل مثيلاتها ممن سبقها في لوحه الغضب والثورة من اجل الحريه ، ولقد سبقتها ممارسات لاتقل شأنا عنها ، ومالك سوى تقلب صفحات التاريخ وستجد تعليق الدستور ماثلا امامك بجانبها التلويح به والامتنان بوضعه ، وضرب الطائفية لكي يلهى الشعب بتوافهها ، وتقييد الانسان بقوانين العبيد ، ناهيك عن أولئك المهرجين المتكلمين بلسان تفرع من لسان السلطه !


ويكاد التاريخ يعيد نفسه ، اذ يعلمنا التاريخ ان إلغاء كلمة الحرية تستلزم معها وجود الاستبداد ، وهذا يكثر فيه الجهله والذل والطاعه العمياء ، فتسود على اثره الفوضى وأحكام الأهواء ، فليقى العبئ على الطبقة المثقفه وكل من لدية ذرة من الحرية ، فتنتقل الاعداد من الآحاد الى العشرات ، شاعرة بالذل الواقع عليها فتطمع بالتغيير وصولا للأكفأ والأجدر ، وهنا لابد من بيان امر في غايه الاهميه ، وهو ان مقاومة الاستبداد لاتكون بالشده وانما بالحكمة والتدريج وصولا الى الشده اذ يتطلب ذلك سياده العقلاء ، حتى لايرجع الامر الى ماقبل البداية .. أي الى الفوضى !!!



خلاصة ماتقدم ، ان التحرك التائه للدولة يشكل سخطا للشعب ، وهذا مايشبه من يجمع الحطب على اختلاف موالده ، وان ممارسات قمع الحريات من قبل السلطه يولد غضبا للشعب ، وهذا مايشبه من يلم الحطب في موضع ومكان واحد ... اما تهيئه بيئة الاشتعال وكيفيتها وسببها .. هذا ما سنتلمسه من الايام القادمه .. والتي سأرصدها بعين المتأمل الثوري !



يقول عبدالرحمن الكواكبي في الكتاب نفسه : " الامة التي لاتشعر كلها او اكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية " .. وبذلك سنكون هناك من اجل الحرية !

الأربعاء، 5 مايو 2010

* نبي لم يوحى إليه *






* نبـــي لــم يوحــى اليـــه *

-------------------

من الممكن اختصار تاريخ البشرية جمعاء بوصف انواع البشر في سلسلة التاريخ المتطور , فالبشر 3 انواع ، منهم من يقدم الى هذا العالم وبيده ممحاة فيمحو بها ماشاء وكيف شاء , والبعض الثاني يأتي الى العالم وبيده قلم فيكتب ماشاء وكيف شاء ، والقسم الاخير ماهو سوى تلك الاسطر الذي يمحوها الاول او يكتبها الثاني ، فما هو الا مادة

لتلك الصفحات في ايام التاريخ ، الا ان رجل اليوم الذي اعتقد البعض ان ماهو الا نبي من دون رساله ، فهو نبي لم يوحى اليه ، فهو رجل اتى بنوع رابع اقتصر عليه دون سواه واقفل الباب خلفه ، فلم يسعه الا هو ، فأتي وبيده قلم وممحاه ، فكتب تاريخا مستقلا بحد ذاته ، ومحى تاريخا مستقلا بحد ذاته ، ووضع بيده كتاب من صفحات الورق الهزيل ، و مالم يعلمه الكثير ان ذاك الكتاب كان بارودا ينتظر فتيله الانفجار وقنبلة صالحة للاشتعال باي وقت ، وفي حينها انفجارها انتجت آلاف القتلى وملايين الجرحى ، وولدت حينها ذرات كونية هوائية استنشقها جمع كثير ، ومن هنا قيل عنه انه رجل قسم العالم الى قسمين متصارعين للابد ، فحضارة قبل هذا الرجل وحضارة بعده ، فعد علامة تاريخية فارقه لايمكن البته تجاوزها او غض الطرف عنها في تطور التاريخ البشري .

ببزوغ تلك الشمس القادمة من المشرق في مثل هذا اليوم من عام 1818م ، ولد ذاك القلم وتلك الممحاه ، في مدينة ترير الالمانية وبين احضان اسرة يهودية المنشأ تدعى موردخاي ، ابصر ذاك الرجل الذي يدعى كارل ماركس ، بين اجواء مضطهده من قبل الدول المسيحية ضد دينه اليهودي ، فمنعت المانبا عام 1816 م من شغل اليهود للوظائف العامه ، فاعتنق والده هنري ماركس المذهب البروتستاني المسيحي خشية الفقر والقتل .

درس القانون وعشق الفلسفه وحب العلوم الانسانية , وحصل على الدكتوراه في عام 1843م ، عن موضوع ( فلسفة الطبيعة عند كل من ابيقورس ويموقريطس ) ، وهو بنفس العام الذي هاجر فيه الى باريس بسبب محاربته من قبل الحكومات والدول وعلى راسها الالمانية ، وتعرف على رفيق دربه فردريك انجلز ، وتزوج جني فون ويستفالين .

في العشرينيات من عمره تحديدا ، في عامه 26 ، المصادف عام 1844م ، كانت بداية اعتناقه للفكر الإلحادي المادي ، ويرجع البعض هذا الفكر المناقض لفكرة الدين الى سبب التذبذب الذي ابصره في اهله بين المعتقدات الدينية , اضافة الى الاضطهاد المسيحي الواقع على اليهود ، مما ادى الى مراجعته مليا لفكرة الدين الى ان وصل الى تشرب الالحاد المادي او كما يعرف بالمادية الجدلية ، ومن هذا يقول : " ان نقد الدين هو الشرط الأول لكل نقد " .

على يديه وضع الفكر الاشتراكي وعلى يديه تم وضع الاساس الخرساني الغير قابل للمس ناهيك عن الخرق ، للشيوعية ، والتي جعلها قصة لن تموت ، فالفكر الشيوعي هو ليس من اختراع كارل ماركس وليس بفكرة مستحدثه ، ولكنها كحال غيرها من الافكار والمعتقدات مرت بمراحل بشريه تاريخية متطورة ، يرجعها البعض الى افلاطون وتصوره للدولة ، والى ليكرجوس واضع دستور اسبرطه الذي امتد طيلة 800 سنة ، ومرورا بتوماس مور الذي ذكر في كتابه يوتوبيا : " على كر فرد ان يعمل حسب ميوله ولكن لابد ان يعمل الجميع وان توزع ثمار العمل على الجميع " ، وبعد تلك التراكمات يتبين لنا ان الفكر الشيوعي هو فكر قديم نشأ مع تطور حياة الانسان وتصوره للعيش في طبقات المجتمع ، الا ان مافعله كارل ماركس هو انه قد اخذ قلمه وخط خطا عريضا مستقيما فصل به العالم الى قسمين متصارعين الى الابد ، وجعل من الشيوعية قصة لن تموت ، وأفنى حياته في التنظير لهذا الفكر ، ولذلك له اليد العليا في تثبيتها .

تهدف الشيوعية لاقامة مجتمع تسوده المساواة بين المواطنين عن طريق تدخل الدولة ممثلة عن الطبقة العامة بتملك المصانع ووسائل الانتاج بدلا من الافراد واحتكارهم لها ، فالشيوعية مرحلة تاريخية تتلو الاشتراكية ، ولبيان ذلك نقول ان الاشتراكية تحتم ان يكون لكل عمله والنتائج لكل حسب جهده ، وهي طريق للوصول الى الشيوعية الحقه في نهاية المطاف والتي تعني ان تكون النتائج كل بحسب حاجته ، ويفسر البعض ان الشيوعية مذهب سياسي وفكر ثوري يقوم على الالحاد وان المادة اساس كل شئ ، وما التاريخ سوى صراع بين طبقات المجتمع تكون مادته العامل الاقتصادي ، وتحقيقا لهذا يقول كارل ماركس : " الشيوعية هي مرحلة حتمية في تاريخ البشرية تأتي بعد الاشتراكية ومتطور تاريخي لها " .

وسبب ظهور ذلك الفكر وتبني طبقات المجتمع له ، هو ماكانت تعانيه اوربا بشكل خاص من استعباد واستبداد من قبل الطبقة البرجوازية ( اصحاب راس المال ) على طبقة البروليتاريا ( العمال ) ، واضطهاد لا مثيل له سلاحه الاقتصاد والمال خصوصا بعد الثورة الصناعية التي شهدتها اوربا آنذاك ، وهو الامر الذي جعل كثير من نفوس تلك الطبقات المضطهده تتنفس اقوال كارل ماركس بحتمية تحقيق العدالة الاجتماعية بنظام الاشتراكية وصولا للشيوعية ، وهي التي برزت بصورتها الاولى بعد ذاك بوجه لينين الرئيس الاول للاتحاد السوفيتي وهو اول من طبق ذلك الفكر بصورته الواقعية تحت شعار ( الارض .. الخبز .. السلام ) ، عن طريق الثورة البلشفية ، والتي امتدت بعد ذلك عندما تناولت يد ستالين تلك السلسلة الشيوعية وثبت اركانها كونه الرئيس الثاني للاتحاد السوفيتي ، بجانب تلك الصورة تكمن صورة اخرى لا تقل عن شبيهتها وصائغ تلك الصورة هو ماوتسي تونغ الذي حكم دولة الصين 27 عاما ، والذي جعل الاتحاد السوفيتي إلهامه الاول .

الدين افيون الشعوب ، من يدعي من الكائنات الحية الناطقة العاقلة انه لايعرف تلك المقولة !؟ ، ومن يدعي ذلك فلا يمكن البته ان يطلق عليه حيوان ناطق عاقل ، تلك مقولة اطلقها فم كارل ماركس في بيان الحزب الشيوعي الذي لخص فيه حيثيات الفكر الشيوعي العام 1848م ، أي قبيل الثورة الألمانية ، أطلق تلك المقوله فامتدت نطاقها الى الأزل بحركة غير متوقفه مادامت تلك المستديرة الزرقاء تأخذ حقها في الدوران ، اطلق تلك الجمله بجانبها طلقات عده ، فقال ان التاريخ ماهو الا صراع بين طبقات ، ويمكن تليخص ذلك بعلاقة المستغل والمستغل !

شهدت حياته تيه لا مثيل له وضياع في المأوى لا سابق له ، فقد حورب من مجتمعات عدة وحكومات متفرقة و دول كثيرة ، الى ان وصل به المطاف والاستقرار في لندن ، الذي مكث فيها طيلة 34 سنة ، هي الاخيرة من عمره ، وحمل معه شعار : " ياعمال العالم اتحداو " .

لم يتوقف فم كارل ماركس عن اطلاق رصاصات اهتزت بها العالم ، فاطلق رصاصة الرحمة الكبرى على الفكر الرأسمالي بمحتوى يشمل 700 صفحه ركن عليها طيلة 30 سنة وهو كتابه " راس المال " ، في اول مجلد له عام 1867م ، ويقول فيه : " الاقتصاد الحر سيؤدي الى تراكم الثورة مع انفاقها بغير تعقل ، وسينشر البؤس بالعالم " .

بعد تلك الطلقة بدأت قصة وفاته ، التي بدأت بمرضه طيلة 8 سنوات الاخيره من عمره ، عانى فيها الكثير من الألم والتعب والشتات ، وهو الذي ظل أغلب حياته لا ينام سوى 4 ساعات من يومه ، وفي 14 مارس من عام 1883م ، كان كارل ماركس جالسا على كرسيه امام مكتبه فشهق شهقة واحده سلم فيها الروح بعدها ، ودفن بمقبرة هايجات في لندن .


-----------------------------------------------




من أجمل ماقيل : -


- يقول لينين عن بيان الحزب الشيوعي : " مازال حتى يومنا هذا مصدر الوحي والقوة الدافعه للبروليتاريا المكافحة والمنظمه في جميع انحاء العالم المتمدين " .


- يقول جان بول سارتر : " ان الفلسفة الماركسية هي الفلسفة الوحيده في عصرنا الراهن التي لا نستطيع تجاوزها " .


- يقول ماوتسي تونغ : " ان المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا "


- يقول كارل ماركس في رساله وجهها لابنته وهو في الجزائر عام 1882م ، يقول فيها : " .... اما السبب في ذلك فهو العنصر المغربي ، لأن المسلمين لا يعترفون بشئ اسمه الخضوع ، فهم ليسوا رعية ولا محكومين ولا سلطة هناك الا فيما يختص بالسياسه وهو امر فشل الاوربيون في فهمه تماما ".


وكذلك يقول في رساله لابنته اخرى : " فبعض هؤلاء المغاربة ارتدى ازياء فاخره بل وتنم على الثراء بينما الاخرون لبسوا مايطلق عليه القمصان ، الا ان في نظر المسلم الحقيقي لاتعتبر مثل هذه المصادفات او حسن الحظ او سوءه ، امرا يفرق بين امة محمد عن بعضهم البعض ، هناك مساواة كاملة في تعاملاتهم الاجتماعية " .