الاثنين، 28 يونيو 2010

* عبقرية العقاد *






عبـقريــة العـقـاد
-----------------


بسم العقاد , فإن كان العقاد عملاق الادب , فبسم الادب ، فإن كان الادب جمال الكلمة ، فبسم الكلمة ، فإن كانت أعظم كلمه هي الله ، فبسم الله الرحمن الرحيم .

اكتب هذا المقال بخمسة اقلام ، قلم الجمال وقلم الادب وقلم التاريخ وقلم العظمة وقلم الخلود ...

اقول ..

قد يستلزم الامر في بداية الحديث عن بعض الرجال العظماء ان نبدأ بمقدمة عصماء لا تجد فيها نقصا ولا عوجا ، وقد يجرنا ذلك الى تشبيهات لا طائل لنا بها ، سوى تكحيل عين القارئ بتلك الالفاظ والكلمات حتى ينسجم مع فكرة المقال .. الا ان ذلك مختلف هنا .. فلا حاجة لي بذلك ولايستقيم بتاتا ان يستفتح هذا الاسم بمقدمة غايتها تزين القبيح وتعطير النتن من الرجال ، او ينتهي بخاتمه تشفع له ، فذكر هذا الرجل هو مقدمة وخاتمه ، واسمه تاريخ بحد ذاته ، واسطورة لا مثيل لها اذا اردت ان تبحث بشبيه له ..

ولامفر من اللجوء الى جملة شارحه اذا اردت الوصول الى ذلك المعنى ، فأقول ، ان من العسير على الذهن اقناعه بوجودِ طبيعةٍ من غير ألوان ، و وردٍ من غير شذى ، وبحرٍ من غير موج ، وشمسٍ من غير ضوء ، الا ان ذلك يهون ويسهل عند اقناعه بوجود ادبٍ من غير العقاد !

ان الكلمات الجمالية في اللغة لتغص في حنجرتي من كثرة ازدحامها لكي تخرج وتقترن بالعقاد ، وإنها لتتباهى بين مثيلاتها بوضعها بالقرب من العقاد ، ولا غرابة عندما نلحظ ان مخزون اللغة قد اعلن مسابقة الجمال للكلمات والبلاغات فنتجت عنها ان تزينت كل كلمة بأجمل الثياب وأزكى العطور طالبة القرب من العقاد فأي شرف للكلمة بعد ورودها بجانبه ، فعندما يرتجف القلم وتستحي قطراته على التعبير فاعلم انها ستكتب عن العقاد .

وليعذرني أنصار مبدأ التواضع ، فتلك مبادئ تتلاشى عند الحديث عن العملاق فهذا موضع تعظم فيه الكلمه و تمجد فيه الاحرف وتتباهي فيه الجمل ، فكيف نتحدث بعد ذلك عن تواضع بين السماء والارض ، وكيف يطيب لنا المقام بالقول بين الذرة والفلك ، فهذا من مرفوضات البديهة والفطرة السليمة قبل مرفوضات الحكم العقلي البرهاني .

في هذا اليوم 28 يونيو 1889م في مدينة اسوان ، كان التاريخ على موعد مع احد الرجال الذين لا يعشقهم ، لانهم دائما ما يأتون بلوي ذراعه ، وتغيير مجراه ، ويستقلون بتاريخ ذواتهم ... ففيه ولد عملاق الادب العربي عباس محمود العقاد ، وقد عاش الى يوم 13 مارس 1964 م ، اي مايقارب 75 سنة ، الا ان لا يفوت على ذهن القارئ الكريم ان تلك السنوات وهي طيلة حياة عباس العقاد لهي بعدد السنين والايام وحركة الافلاك والرياضيات ، وهذا مقياس لما هو في التاريخ ، اما بمعيار العظماء فهو تاريخ مستقل بحد ذاته ، فليس من الغريب ان يقول قائل ، حدث كذا في السنة الرابعة من ميلاد العقاد او حدث كذا في السنة التالية لوفاة العقاد ، فهذه من البديهيات التي لا يجهلها الا جاهل يجهل بملوحة البحر او بياض الغيوم او حلو الشهد !

مخطئ من نظر الى العقاد بأنه ظاهرة أدبية قد نالت حيزها من فراغ الادب العربي ، هذا خطأ في الفهم فادح ، فالحق الذي لامرية فيه ولا يجادل فيه او ينكره الا حاقد حسود او على اشكال صاحب السفهود ، ان العقاد ظاهرة كونيه قد نالت حيزها من الفراغ الكوني العالمي ، فلا مفارقة بين الشمس والعقاد ، فالاولى حارة ولكنها ضرورية للحياة وكذلك العقاد في للادب ، والاولى اخطأ البعض في فهمها فعبدها وكذلك العقاد في الادب ، والاولى بعيدة المصدر قريبة التأثير وكذلك العقاد في الادب ، والاولى تدور حولها الافلاك وتجذب اليها الكواكب وكذلك العقاد في الادب ، والاولى ينسب لها الزمن وكذلك العقاد في للادب والاولى مصدرها ذاتي يستمد الضوء منها وكذلك العقاد في الادب.

و لعمري إن من الأخطاء التي تسللت الى رؤوس كثير من الناس , اعتبار التنقل بين صفحات وكتب العقاد هي مجرد تنقل بين ارقام اوراق او بين مادة صفحات , حاشاه ذلك ، انما هي معراج تنتقل بك الى سبع سماوات وتدور بك حول عدة افلاك , وهو الامر الذي يجعلك تتساءل هل بعد معراج النبي الاعظم من معراج ؟!.. ان مجرد طرح هذا السؤال هو من جملة البديهيات المعقوله لقراءة بضعة اسطر للعملاق فكيف هي حال الاسئلة لو تعديت قراءة تلك الاسطر ووصلت لكمال كتاب واحد ناهيك عن عدة كتب !

عندما سُإل العقاد حول الحركة الادبية فقال : انها بخير , فقيل له لماذا ؟ قال : لانني موجود .. لله درك .. سيظل الادب بخير مادامت كلمات العقاد تمتد وتمتد وستظل بخير طالما هناك ورقه ذيلت بإسم العقاد , لقد اختصر مجد الادب وخيريته بكلمتين فقط انا موجود ! ، كلمتين قسمت الادب العربي الى قسمين ، قسم ادب 1431 سنة ، وقسم ادب العقاد .

ان اسم العقاد ليس مجرد لفظ ذكر في صخره العظماء والعمالقه .. ان اسم العقاد هي تلك الغمامة التي مازلت تمطر بفكرها العميق وتطل بأدبها الجميل حتى أعتلت درجه السماء فاذا هي سماء ثامنه ، تدور في فلكها عظماء الادب وكبار الفكر .

ان العقاد هو النموذج الوحيد المقصود الذي انفرد على وجه الواقع لما تمناه فيلسوف الشعراء ابي العلاء المعري عندما قال : واني وان كنت الاخير زمانه .. لآت بما لم تستطعه الأوائل .. ولا غرابة البته عند كل ذا حق ينسب الحق لأصحابه بوجود "اني" في البيت فما هي لعمري إلا عائدة على العقاد ولكنها جرت على لسان المعري غفر الله له فالمعني هو العقاد لا المعري كما يغلب ظن الاغلبيه ، وقد كان فيلسوف الشعراء ابي العلاء المعري عندما يذكر ابيات لشعر غيره ، فكان يقول ، قال فلان الفلاني ، الا انه عند ذكره للشاعر المتنبي فكان يقول ، قال الشاعر المتنبي ، فكان لايعد احدا من قائلي الشعر شاعرا الا المتنبي ، فليس كل من يكتب ابيات قيل عنه شاعر ، هذا بمقياس العامه ، اما مقياس المعري فهو فيقتصر على المتنبي فقط ، واذا جاز لي ان استعير هذا المقياس وقسنا به الادب العربي ، فلا مناص من ذكر كل كاتب وأديب باسمه فقط دون تقديم ، اما اذا وردنا هذا المقياس على العملاق العقاد ، فحق لنا ان نقول ، قال الاديب العقاد ! .

العجب يبلغ اشده عندما نقرأ ماسطره العقاد من دون ان نعلم ان هو كاتبه .. وما ان نعلم ان تلك بقلم عباس العقاد حتى يجد الشخص نفسه قد وقف تلقائيا بفطرته الطبيعيه إجلالا وتقديرا لكلمة عباس فان هو اكمل العقاد سيجد ان قشعريرة جسمه قد بدأت كذلك بالوقوف ، علما بأن القلب اثناء القراءة يحدثك بأنه العملاق العقاد وبعد ان بان لك وجه الحقيقة وجدت اللسان نطق " لاريب هو عملاق الادب " .

ان كلمات مثل هذه ماهي الا طلب الاعتذار والعفو ، لعدم بلوغ المنال والوفاء لتقدير العملاق العقاد ، فغايه الأمل و الرجاء ان لاتندرج هذه المقاله تحت اسم المقالات الادبية او الفكريه او الشخصية فلا طائل لي بذلك ، وغايه ما ارجوه وأصبو إليه ان تندرج هذه المقاله تحت اسم المقالات العقادية .. وعساها ذلك .

العجيب في هذا المقال انني اكتشفت في النهاية انني كتبت هذا المقال وانا واقف فلم اشعر بنفسي وانا اكتب ، فلا معنى للزمن بين يدي العقاد ، فقد جف قلمي ولم يجف فكري وقولي عن العملاق .. والأعجب منه انني وجدت بعد ذلك ان التاريخ كان واقفا بجانبي .. يبتسم :)

-----------------------------------------------------


* من اجمل اقوال عملاق الادب العربي عباس محمود العقاد : -
--------------------------------------


- " انني لا اتمنى ان اصل الى سن المائة كما يتمناه غيري ، وانما اتمنى ان تنتهي حياتي عندما تنتهي قدرتي على الكتابة والقراءة ، ولو كان ذلك غدا " .

- " فليست اضافة اعمار الى العمر بالشيء المهم الا اعتبار واحد ، وهو ان يكون العمر المضاف مقدارا من الحياة لا مقدارا من السنين ، او مقدارا من مادة الحس والفكر والخيال لا مقدارا من اخبار الوقائع وعدد السنين التي وقعت فيها ، فان ساعة من الحس والفكر والخيال تساوي مائة سنة او مئات من السنين ، ليس فيها الا انها شريط تسجيل لطائفة من الاخبار طائفة من الارقام ... كلا ... لست اهوى القراءة لأكتب .. ولا أهوى القراءة لازداد عمرا في تقدير الحساب .. وانما اهوى القراءة لان عندي حياة واحدة في هذه الدنيا ، وحياة واحدة لا تكفيني ، ولا تحرك كل مافي ضميري من بواعث الحركة ، والقراءة دون غيرها هي التي تعطيني اكثر من حياة واحده في مدى عمر الانسان الواحد ، لانها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق وان كانت لا تطيلها بمقادير الحساب

- " ولئن تمنيت شيئا بعد السبعين لأتمنين ان اعيش فلا اعيش عبثا ولا فضولا وان اعيش كما عشت بحمدالله على الدوام ، احقابا واحقابا الى الامام ، فيقول الناس اليوم ما كنت اقوله قبل عشرات الاعوام ، فذلك هو العمر الذي احتسبه سلفا واعيشه قبل حينه ، فلا يكلفني انتظاره الى الختام " .

- " ولقد تعبت كثيرا في تحصيل الادب والثقافة ، ولكنني اعترف بعد هذا التعب كله بقصوري عن الغاية التي رسمتها امامي في مقتبل صباي ، فلم ابلغ بعد غاية الطريق ولا قريبا من غايته ، واذا قدرت ما صبوت اليه بمائة في المائة ، فالذي بلغته لا يتجاوز العشرين او الثلاثين " . – مع العلم ان العقاد ترك لنا من مؤلفاته ما يفوق المائة كتاب ، و15 الف مقاله ... ومع هذا فلم يبلغ الا عشرين او ثلاثين من غايته !!! .

- يقول عنه د.طه حسين : " تسألونني لماذا أؤمن بالعقاد في الشعر الحديث وأومن به وحده، وجوابي يسير جدا، لماذا؟ لأنني أجد عند العقاد مالا أجده عند غيره من الشعراء... لأني حين أسمع شعر العقاد أو حين أخلوا إلى شعر العقاد فإنما أسمع نفسي وأخلو إلى نفسي. وحين اسمع شعر العقاد إنما اسمع الحياة المصرية الحديثة وأتبين المستقبل الرائع للأدب العربي الحديث " ... وقال " ضعوا لواء الشعر في يد العقاد وقولوا للأدباء والشعراء أسرعوا واستظلوا بهذا اللواء فقد رفعه لكم صاحبه " .

- ويقول د.زكي نجيب محمود (فيلسوف الادباء و اديب الفلاسقة ) : " إن شعر العقاد هو البصر الموحي إلى البصيرة، والحسد المحرك لقوة الخيال، والمحدود الذي ينتهي إلى اللا محدود، هذا هو شعر العقاد وهو الشعر العظيم كائنا من كان كاتبه... من حيث الشكل، شعر العقاد أقرب شيء إلى فن العمارة والنحت، فالقصيدة الكبرى من قصائده أقرب إلى هرم الجيزة أو معبدالكرنك منها إلى الزهرة أو جدول الماء، وتلك صفة الفن المصري الخالدة، فلو عرفت أن مصر قد تميزت في عالم الفن طوال عصور التاريخ بالنحت والعمارة عرفت أن في شعر العقاد الصلب القوي المتين جانبا يتصل اتصالا مباشرا بجذور الفن الأصيل في مصر " .


الأربعاء، 9 يونيو 2010

* اسطول الحرية في الميزان *







اسطول الحرية في الميزان !
--------------------------



يحاول صاحب هذا القلم ان يدرك بقدر المستطاع ذاك الحدث الماثل امام اعين العالم والذي يشتد طرفيه بين مغالي ومسفه , وكثر الحديث والكلام عنه حتى عُـدَ من خاضوا فيه يماثل عدد امواج البحر التي حملت ذلك الاسطول ، فالحدث ماثل امام العين يحاول العقل ليدركه ويستفهمه ومن ثم فلابد من كلام ينطق به اللسان واسطر تجري عليها القلم .

" الحكم على الشيء فرع من تصوره "

طائفة من الناس ينتمون الى طوائف شتى وعقائد عده ليس هناك رابط بينهم سوى عقيدة الانسانية وشعور النجده لاخوانهم في تلك العقيدة ، رأوا ان من الاجدر مساعدتهم ومد يد العون لهم دون الاقتصار على الطريق الغير مباشر لهم ، وفي تصورهم ان فعلتهم هي الواجب الاسمى فعله فهناك اناسا في امس الحاجه للمساعده والاغاثه ولاعذر في التخلف خطوة واحدة !

واذا شئنا ان نضع ذلك الحدث في موضعه فلابد لنا من ميزان نقيس به ، كعادة استاذنا عملاق الادب العربي عباس العقاد ، ومن ثم فاننا نقول " اسطول الحرية في الميزان " :-

1. فضح الاسلوب الاسرائيلي وجديته في مسائل السلام واحترام حقوق الانسان الدولية .
2. الاعتداء الغير مبرر على اسطول الحرية لمنع وصول المساعدات والاغاثه .
3. مجازفة المسافرين بارواحهم تجاه عمل غامض ليست نتائجه متوقعه ولا مضمونه .
4. موقف الدول العربية المخزي والذي اقتصر كعادته على التصاريح بعدم الرضا تجاه تلك الافعال والادانة لها .
5. الموقف الامريكي الداعم لاسرائيل رغم الانتهاكات ، والذي جاء على لسان بايدن – نائب الرئيس الامريكي –حيث قال : " ان من حق اسرائيل المطلق الدفاع عن امنها من خلال تفتيش السفن التي تتوجه الى غزه خشية ان تنقل سلاح الى حماس " ! .
6. بيان اهمية اسرائيل دوليا واعتبارها ووزنها .
7. زجر وغضب من قبل الاسرائيليين تجاه حكومتهم .
8. الاقتصار على الاجراءات الشكليه والوعود التي لا طائل منها من قبل الهيئات والمنظمات العربية والدولية .
9. ندم اسرائيل على تلك الافعال الغير محسوبة .
10. ارتفاع ارصدة تركيا الاسلامية لدى الدول العربية بالذات .
11. بصيص امل لاستعادة مكانت الاسلام دوليا في الاعين التركية .
12. بروز نجم تركيا وقوتها في التهديد دوليا .
13. موقف مستغرب لايران !


ذاك بعض مما وضع بالميزان ، ولا اريد ان اطيل الحديث فالامر ممتد ويطول ، وليس هذا موضعه ، وانما اردت الاقتصار فقط على بعض الملامح التي خلفتها تلك الافعال المصاحبة لاسطول الحرية ، وبعد ذلك فاننا نقول ، لا نرى اي مثلب يمكن توجيهه ضد اسطول الحرية حتى لو تصور البعض فكرة التهور او تمثيل لمسرحية ، فليس ذلك مما يوضع في الميزان ، وانما موضعه في مزبلة الفكر والمنطق ، ولا اعلم ولا اريد ان اعلم ماهي المنهجية المتبعة التي اوصلت هؤلاء لتلك النتائج ، فلا اعتبار للسفيه في الاعمال التكليفية !

ولا يفوتنا بيان ان تلك الافعال انما كانت وليدة التضحية لغاية سامية وهدف نبيل ، على الرغم من عدم توقع النتائج ، الا انه مع وضوح صورة الاسلوب الاسرائيلي الغير مستغرب فلا ارى ان منطقيات العقل والتضحية تشير الى مقابلة ذلك الاسلوب بالعناد ، وتوجيه سفن الاغاثة والمساعدات مرة اخرى في نفس الاسلوب ، فهذا ما اراه يقع تحت مظلة التهور وعدم ادراك النتائج المتوقعه لهذا الفعل وليس بعيد بان يميل الى القاء النفس الى التهلكه ، وهذا ما يمنعه العقل قبل الشرع ، فلا مبرر حتى لو كانت الدواعي انسانية ارسال المساعدات البحرية بنفس تلك الخطورة المتوقعه ، فالاسلوب الاسرائيلي كما بان لا يبالي بتلك الممارسات التي وصلت لقتل الابرياء تجاه عدوه ، فلم تخسر اسرائيل جراء فعلتها الاخيرة امر مهم ، فالامر لايتجاوز حدود الزخم الاعلامي التي ينتهي بعد سقوط الايام القادمه ، مع رجحان تبرير موقف اسرائيل بانه موقف شرعي تستدعيه منطقيات وابجديات السياسة ، والتاريخ خير شاهد !

اما بصدد التنبوء بالعلاقات التركية – الاسرائيلية ، بعد تلك اللهجة العنيفة بعض الشي التي استخدمتها تركيا تجاه اسرائيل ، فهي ستتضح بعد ان نعلم طبيعة تلك العلاقة المتبادلة سابقا ، وهي التي تجعلنا في نهاية المطاف نهمش فكرة قطع العلاقات نهائيا بين الدولتين جراء ذلك الحدث ، وتجعلنا نرجح ان الامر لايتجاوز فقط الجفاء والهجر الذي يعقبه وصال وألفه على اساس المصلحه ، ويبين ذلك عندما نعلم ان الاقتصاد الاسرائيلي تنفسه الاهم والاعلى تجاه التجارة الدولية هي تركيا ، خصوصا في تلك العزلة التجارية التي تعيشها اسرائيل ، فقد وصلت القيمة المتبادلة بين البلدين في عام 2008م رقما قياسيا حيث بلغ قدره 3.3 مليار دولار ، وصلت فيه الصادرات التركية 1.9 مليار دولار , الامر الذي جعل تركيا الشريك التجاري الثامن لاسرائيل ، وعلى حد قول احد مصادري – وهو حلاقي التركي – ان هناك مايفوق 400 شركة اسرائيلية في تركيا ، بالاضافة الى ماتقدم دور القطاع السياحي بين البلدين والذي به استقطبت تركيا نصف مليون اسرائيلي في عام 2008 م اي مايعادل 7 الى 8 % من مجموع سكان اسرائيل ، اضف الى ذلك دور القطاع العسكري الذي بلغت فيه الصادرات العسكرية الاسرائيلية 6.3 مليار دولار عام 2008م استوعبت تركيا منها حوالي نصف الصادرات من السلاح !