40 سنة .. لسه فـــاكـــر !
-----------------------------
-----------------------------
يخطئ الكثير من الناس عندما يذهب بهم الظن أن كلمة الشوق ماهي الا شعور ينتاب الشخص بعد إدراك ونظر ، أعقبه هجر ونوى ، فهو يتَقدُ شوقا و طمعا بوصل بعد هجر او ادارك بعد نوى ، الا انني لا اعرف هذا الشوق كثيرا في حياتي ، واغلب ما اشتقت اليه هو للإدراك والنظر للمرة الاولى ، فلم يعقبه لا هجر ولا ونوى ، وهذا ما أحسبه ذروة سنام الشوق ومايستحق ان يشتاق لاجله ، وعلى راس هذا كله هو الشوق للنظر للخالق سبحانه وتعالى ورسوله – صلى الله عليه وسلم – ، الا انني لست بصدد بيان هذا الشوق مع قدره العالي والرفيع في جبال مشاعري ، وما انا بصدده هو الشوق لتلك الاربعين سنه !!!
فمازالت نار الشوق للاربعين تتَقدُ في قطرات دمي يوما بعد يوم ، تحترق وتشتعل وكأنها تريد مفارقتي الا ان حائل الزمن يحول بينها وبين منالها ، ومازالت تدفع بي قُدُما متلهفه لبلوغ الاربعين !
لا اجد عذرا دون هذا الشوق ، فسن الاربعين كما هو معروف هو سن بعثة الانبياء والرسل – عليهم السلام - ،بجانب انه سن النضج والكمال والرشد وفوق هذا هو سن الحكمه !
مع تساقط حبيبات رمال هذا اليوم أكون قد بلغت نيفا وعشرين سنه ، وقد وجدت نفسي امام نقيضين متصارعين ، فمن الناس من يفرح ويطرب بقدوم يوم ميلاده ومنهم من على نقيض هذا !! .. فأفلاطون مثلا يقول بان على الفلاسفة والحكماء ان يفرحوا كلما تقدم بهم العمر لانهم يقتربون من الموت وبذلك يدنون من العدل الالهي في اليوم الاخر .. وعلى نقيض هذا الساحل يقف الفلاسفة المتشائمين !! .. ولهذا وجدت نفسي امام نقيضين ، ولم اجد مخرجا من هذا الا قول عملاق الادب العربي عباس محمود العقاد حينما قال : " انني لا اتمنى ان اصل الى سن المائة كما يتمناه غيري ، وانما اتمنى ان تنتهي حياتي عندما تنتهي قدرتي على الكتابه والقراءة ولو كان ذلك غدا " .
ها انا قادم ايها الاربعين وكلي شوق للارتماء بين احضانك و ألتف دفئا حول ايامك ، وارضع من حكم لحظاتك ..
كم هي جميلة تلك الاحلام التي راودتني وانا بالغ الاربعين ، اجلس على قمة جبل يجاورني جدول صغير متفرع من النهر ، تغني قطراته كل صباح في اذني وترقص على انغامه الطيور في عيوني ، اجلس اتأمل بتلك الحياة التي خلفتها من ورائي .. كيف كانت هي ؟
ها انا قادم ايها الاربعين وكلي شوق للارتماء بين احضانك و ألتف دفئا حول ايامك ، وارضع من حكم لحظاتك ..
كم هي جميلة تلك الاحلام التي راودتني وانا بالغ الاربعين ، اجلس على قمة جبل يجاورني جدول صغير متفرع من النهر ، تغني قطراته كل صباح في اذني وترقص على انغامه الطيور في عيوني ، اجلس اتأمل بتلك الحياة التي خلفتها من ورائي .. كيف كانت هي ؟
واذا انا بتأملي ذاك في وحي الاربعين واذ بحفيدي ذي 6 سنوات يحتضنني من الخلف ، فأجلسه في حجري ، فأرى فيه زمنا بعيدا ، ارى فيه تاريخي ومستقبلي ، واذ به يسألني عن حبي للحياة ؟ ، فتقفز كلمات العملاق العقاد تأتيه فتجاوبه على لساني فتقول : " لم يتغير حبي للحياة ولم تنقص رغبتي في طيباتها .. ولكنني اكتسبت صبرا على ما لابد من تركه ، وعلما بما يفيد من السعي في تحصيل المطالب وما لايفيد ، وزادت حماستي الآن لما أعتقد من الآراء ، ونقصت حدتي في المخاصمة عليها ، لقلة المبالاة بإقتناع من لا يذعن للرأي والدليل .. وارتفع عندي مقياس الجمال فما كان يعجبني قبل عشر سنين لا يعجبني الآن ، فلست اشتهي منه اكثر مما اطيق .. كنت احب الحياة كعشيقه تخدعني بزينتها الكاذبة وزينتها الصادقه ، فأصبحت أحبها كزوجه أعرف عيوبها وتعرف عيوبي ، لا اجهل ماتبديه من زينة وما تخفيه من قبح ودمامه .. انه حب مبني على تعرف وفهم " .
شغف جميييييييل ، سأعيشه طيلة بلوغي للاربعين ، فأنا مع هذه كالمجنون مع مجنونته ، فهو يراها من بعيد .. ومازال يزداد كأس الجنون كلما اقترب !!
فكل خطوة يتقدم نحوها يرى تضاريس طبيعتها ، فيرى جحوظ العيون تلقي له موعد للسمر ، ويرى شهد الثغر يرمي له حلاوة دربه ، ثم يرى صفاء الوجنتان فيهون عليه كل صعب وشاق ، ثم يرى انحدار الشعر فيرسم له طريقه ، ويرى حرارة الصدر تعلن له الامان والدفئ ، ثم يرى تناسب القوام فيشعل في عقله الخواطر والخواطر والخواطر !!!
ومازال على شوقه لتضاريس الاربعين يطمع بامل الادراك ، والظفر بالجمال ، والارتواء من الانهار !
واشوقاااااااااه ايها الاربعين .... واشوقااااااااه لسن الحكماء !
كتبت هذا المقال على انغام لسه فاكر .. ومن يعلم قد ابلغ ذاك السن وانا على انغام لسه فاكر !!